﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾
قوله تعالى: ﴿والَّذِينَ عاقَدَتْ أَيمَانُكُم فآتوهُم نَصيبَهُم﴾ الآية.
قال ابنُ عباس في معنى هذه الآية: كان المهاجرون حين قدمواالمدينةَ يرثونَ الأنصارَ دون ذوي الأرحام منهم؛ لِْلأُخُوَّةِ والصداقة التي بينهم، فهو كَقولِه: ﴿فَآتُوهُمْ نصيبَهُمْ﴾[النساء: ٣٣]، أُمروا بإتمام ما عقدوا بينهم. ثم نسخ الله ذلك بآية المواريث، وبقوله: ﴿وَأُولوا الأرحامِ بَعْضُهُمْ أَولىببعض﴾ [الأنفال: ٧٥].
وعن ابن عباس أيضاً أنه قال: كانوا يتوارثونَ بالأُخْوَّةِ التي آخى بينهمالنبي - عليه السلام - حتى نَزَلَت: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوالدانوالأقْرَبُون﴾ [النساء: ٣٣] أي عصبة، فَنَسَخَتْ ما كانوا عليه من التوارثُ بالأُخُوَّةوالصَّداقة - وهو قولُ ابن جبير ومجاهد وقتادة - فيكون معنى: قولهتعالى: ﴿والذينَ عاقَدَت أيمانُكُم فآتوهم نصيبَهُم﴾ [النساء: ٣٣] - على هذا القول -أي (وَفُّوا لهم) ما عقدتم عليه من التوارث. ثم نسخ ذلك بالمواريث وبآخر الأنفال.
وقيل: الآيةُ محكمةٌ غيرُ منسوخةٍ، ومعناه: وَفُّوا لهم بما قدعاقدتُموهم عليه من النصر والمعونة والرِّفْد.
وعن ابن عباس أنه قال: كان الرجلان يتعاقدان ويتحالفان أنهمامَنْ مات قَبْلَ صاحبه وَرِثَه الباقي منهما، فهو قوله: ﴿فآتوهُم نصيبَهُم﴾ [النساء: ٣٣]، أي أوفوا لهم بما عاقدتُموهم عليه. فنسخ ذلك بقوله: ﴿وأُولوا الأَرْحَامِ بعضُهُم أَوْلَى بِبَعْض﴾ [الأنفال: ٧٥].
قال ابن المسيّب: إنما نزلت هذه الآيةُ في الذين يَتَبَنَّوْنَ غيرَ أبنائهمويُوَرِّثونَهُم فنسخ الله ذلك بقوله: ﴿وأُولوا الأَرْحَامِ بعضُهُم أَوْلَى بِبَعْض﴾