﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً ﴾
قولُه تعالى: ﴿فانْفِرُوا ثُباتٍ أو انْفِرُوا جَمِيعاً﴾ [النساء: ٧١].
خَيَّرَهُم اللهَ بين أن ينفروا مجتمعين أو مفترقين مع إيجابه للنفيرمجملاً يقوم البعضُ مقام البعض.
قال ابنُ عباس: نسخَها: ﴿ومَا كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢]- الآية -. وهذا لا يصح عن (ابن) عبّاس، لأن الله خيّرهم في النفيرمفترقينَ أو مجتمعين، ولم يفرض عليهم أن (يجتمعوا) كُلُّهُم، إنما أباحلهم الافتراق أو الاجتماع في النفير، وذلك حُكْمٌ باقٍ لا يُنْسَخ. ولو نُسِخَالافتراقُ أو الاجتماعُ لبطل الأمرُ بالنفير. ولم يَجُزْ نفيرٌ البتَّةَ.
فالظاهر في هذه الآية، أنها غيرُ منسوخة، لم يأمرهم فيها بالنفيركُلَّهُم، إنما أمرهم بالحذر، وأن ينفرَ مَن نفر منهم مفترقين أو مجتمعين. وقد أجمع المسلمون على أنه إذا احتيج إلى نفير الجميع لِشِدَّة بأس العدوِّلَزمَهُم ذلك وكان فرضاً عليهم أن ينفروا كُلُّهُم.
وقد قيل: إنما نُسِخَ منها إباحةُ نفيرهم كُلِّهِم إذا لم يُحْتَجْ إليهم.
وليس في الآية ذلك. إنما فيها إباحةُ أن ينفروا جماعةً بعد جماعةٍ. أو ينفروا نفراً بعد نفرٍ واحداً بعد واحدٍ متفرقين.