كقوله: ﴿والتين والزيتون﴾.
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تعلمون عظيم﴾.
﴿فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس﴾.
وَإِنَّمَا يَحْسُنُ فِي مَقَامِ الْإِنْكَارِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى الْقَسَمِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ؟ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لِأَجْلِ الْمُؤْمِنِ فَالْمُؤْمِنُ يُصَدِّقُ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ الْكَافِرِ فَلَا يُفِيدُهُ.
فَالْجَوَابُ: قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ: إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الْقَسَمَ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ وَتَأْكِيدِهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ يُفْصَلُ بِاثْنَيْنِ: إِمَّا بِالشَّهَادَةِ وَإِمَّا بِالْقَسَمِ، فذكر تعالى النوعين حتى يبقى لهم حجة.
وقوله: ﴿لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون﴾ وَعَنْ بَعْضِ الْأَعْرَابِ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السماء والأرض إنه لحق﴾ صَاحَ وَقَالَ: مَنِ الَّذِي أَغْضَبَ الْجَلِيلَ حَتَّى أَلْجَأَهُ إِلَى الْيَمِينِ؟ قَالَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أَقْسَمَ بِمَخْلُوقَاتِهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَلَيْنَا أَلَّا نُقْسِمَ بِمَخْلُوقٍ؟ قِيلَ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ:.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ حُذِفَ مُضَافٌ أَيْ ورب الفجر ورب التِّينِ وَكَذَلِكَ الْبَاقِي.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُعَظِّمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَتُقْسِمُ بِهَا فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى مَا يَعْرِفُونَ.