تَعَالَى: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ من غير سوء﴾، فَاحْتَرَسَ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: [مِنْ غَيْرِ سُوءٍ] عَنْ إِمْكَانِ أَنْ يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الْبَهَقُ وَالْبَرَصُ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين﴾ فَإِنَّهُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى وَصْفِهِمْ بِالذِّلَّةِ وَهُوَ السُّهُولَةُ لَتُوُهِّمَ أَنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِهِمْ فَلَمَّا قِيلَ: ﴿أعزة على الكافرين﴾ عُلِمَ أَنَّهَا مِنْهُمْ تَوَاضُعٌ وَلِهَذَا عُدِّيَ الذُّلُّ بِعَلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْعَطْفِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكفار رحماء بينهم﴾.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يشعرون﴾ فقوله ﴿وهم لا يشعرون﴾ احْتِرَاسٌ بَيَّنَ أَنَّ مِنْ عَدْلِ سُلَيْمَانَ وَفَضْلِهِ وَفَضْلِ جُنُودِهِ أَنَّهُمْ لَا يُحَطِّمُونَ نَمْلَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بِأَلَّا يَشْعُرُوا بِهَا.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا كَانَ تَبَسُّمُ سُلَيْمَانَ سُرُورًا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْهَا وَلِذَلِكَ أَكَّدَ التَّبَسُّمَ بِالضَّحِكِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ تَبَسَّمَ كَتَبَسُّمِ الْغَضْبَانِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ تَبَسُّمَهُ تَبَسُّمُ سُرُورٍ.
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ معرة بغير علم﴾ الْتِفَاتٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ ضَرَرَ مُسْلِمٍ.
وقوله تعالى: ﴿وقيل بعدا للقوم الظالمين﴾، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا أَخْبَرَ بِهَلَاكِ مَنْ هَلَكَ بِالطُّوفَانِ عَقَّبَهُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ وَوَصَفَهُمْ بِالظُّلْمِ لِيُعْلَمَ أَنَّ جَمِيعَهُمْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْعَذَابِ،.


الصفحة التالية
Icon