وأما قوله تعالى: ﴿يكاد زيتها يضيء﴾ فَلَمْ يُثْبِتْ لِلزَّيْتِ الضَّوْءَ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ لَهُ الْمُقَارَبَةَ مِنَ الضَّوْءِ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ ثُمَّ أَثْبَتَ النُّورَ بِقَوْلِهِ ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ النُّورَ دُونَ الضَّوْءِ لَا نَفْسُهُ
فَإِنْ قُلْتَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ يَكَادُ يُضِيءُ مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ فَيُعْطِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَعَ أَنَّ مِسَاسَ النَّارِ لَا يُضِيءُ وَلَكِنْ يُقَارِبُ الْإِضَاءَةَ لَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّهُ عِنْدَ الْمِسَاسِ يُضِيءُ قَطْعًا أُجِيبُ بِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ عَاطِفَةً وَإِنَّمَا هِيَ لِلْحَالِ أَيْ يَكَادُ يُضِيءُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ مَسَّتْهُ لَأَضَاءَ قَطْعًا
قَاعِدَةٌ في مجيء كاد بمعنى أراد
تجيء كَادَ بِمَعْنَى أَرَادَ وَمِنْهُ ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ ﴿أكاد أخفيها﴾ وَعَكْسُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ أي يكاد
قاعدة
فعل المطاوعة
فِعْلُ الْمُطَاوَعَةِ هُوَ الْوَاقِعُ مُسَبَّبًا عَنْ سَبَبٍ اقْتَضَاهُ نَحْوَ كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْخُلَاصَةِ هُوَ الدَّالُّ عَلَى قَبُولِ مَفْعُولٍ لِأَثَرِ الْفَاعِلِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُطَاوِعَ بِكَسْرِ الْوَاوِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَفْعُولَ لِقَوْلِكِ كَسَرْتُ الشَّيْءَ يَدُلُّ عَلَى مَفْعُولِ مُعَالَجَتِكِ فِي إِيْصَالِ الْفِعْلِ إِلَى الْمَفْعُولِ فَإِذَا قُلْتَ فَانْكَسَرَ عُلِمَ أَنَّهُ قَبِلَ