وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُمْكِنُ اتِّصَالُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَلَوْلَا﴾ فِي الْمَعْنَى نَفْيٌ فَإِنَّ الْخِطَابَ لَمَا يَقَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ نَفْيًا كَانَ مَا بَعْدَ إِلَّا يُوجَبُ إِنْكَارُهُ قَالَ: مَا مِنْ قَرْيَةٍ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ
وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ الْآمِدِيُّ بِأَنْ جعل إلا متقطعة عَمَّا قَبْلَهَا لُغَةً فَصِيحَةً وَإِنْ كَانَ جَعْلُهَا مُتَّصِلَةً أَكْثَرَ وَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الْمَعْنَى لَيْسَ بِقِيَاسٍ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إلا من رحم﴾ فَإِنَّ مَنْ رَحِمَ بِمَعْنَى الْمَرْحُومِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْعَاصِمِينَ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْصُومٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى لَكِنْ
فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُ اتِّصَالُهُ عَلَى أَنَّ ﴿مَنْ رَحِمَ﴾ بِمَعْنَى الرَّاحِمِ أَيِ الَّذِي يَرْحَمُ فَيَكُونُ الثَّانِي مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ
قِيلَ: حَمْلُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى أعني قراءة ﴿من رُحِمَ﴾ بِضَمِّ الرَّاءِ حَتَّى يَتَّفِقَ مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ
الثَّانِي: بِمَعْنَى بَلْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إلا تذكرة﴾ أَيْ بَلْ تَذْكِرَةً
الثَّالِثُ: عَاطِفَةً بِمَعْنَى الْوَاوِ فِي التَّشْرِيكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عليكم حجة إلا الذين ظلموا﴾ معناه ولا الذين ظلموا وقوله: ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظلم﴾ أَيْ وَمَنْ ظَلَمَ تَأَوَّلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ المنقطع