وَقَوْلِهِ ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نورا وقدره منازل﴾ وَالْأَصْلُ: قَدَّرَهُمَا لَكِنِ اكْتَفَى بِرُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْقَمَرِ لِوَجْهَيْنِ قُرْبِهِ مِنَ الضَّمِيرِ وَكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ الشُّهُورُ وَيَكُونُ بِهِ حِسَابُهَا
وَقَوْلُهُ ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سبيل الله﴾ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى الْفِضَّةِ لِقُرْبِهَا
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَى الْمَكْنُوزِ وَهُوَ يَشْمَلُهَا.
وَقَوْلِهِ ﴿وَاللَّهُ ورسوله أحق أن يرضوه﴾ أَرَادَ يُرْضُوهُمَا فَخَصَّ الرَّسُولَ بِالْعَائِدِ لِأَنَّهُ هُوَ دَاعِي الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ وَحُجَّتُهُ عَلَيْهِمْ وَالْمُخَاطِبُ لَهُمْ شِفَاهًا بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَذُكِرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ تَعْظِيمًا وَالْمَعْنَى تَامٌّ بِذِكْرِ الرَّسُولِ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى الله ورسوله ليحكم بينهم﴾ فَذُكِرَ اللَّهُ تَعْظِيمًا وَالْمَعْنَى تَامٌّ بِذِكْرِ رَسُولِهِ
ومثله قوله تعالى ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عنه﴾
وَجَعَلَ مِنْهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أو إثما ثم يرم به بريئا﴾ أَعَادَ الضَّمِيرَ لِلْإِثْمِ لِقُرْبِهِ وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ إِلَى الْخَطِيئَةِ وَالْإِثْمِ عَلَى لَفْظِهَا بِتَأْوِيلِ وَمَنْ يَكْسِبُ إثما ثم يرم به.
وقال الْأَنْبَارِيِّ: وَلَمْ يُؤْثَرُ الْأَوَّلُ بِالْعَائِدِ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ معناه إِلَيْهِمَا فَخَصَّ التِّجَارَةَ بِالْعَائِدِ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَبَبَ الِانْفِضَاضِ عَنْهُ وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ فَأَمَّا كَلَامُ الْعَرَبِ فَإِنَّهَا تَارَةً تُؤْثِرُ الثَّانِيَ بِالْعَائِدِ وَتَارَةً الْأَوَّلَ فَتَقُولُ إِنَّ عَبْدَكَ وَجَارِيَتَكَ عَاقِلَةٌ وَإِنَّ عَبْدَكَ وَجَارِيَتَكَ عَاقِلٌ