تَعَالَى: ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ وَعَلَى هَذَا جَاءَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: "إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي"
وَقَدْ خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَوَاضِعُ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ فِيهَا تَقْدِيمَ ذِكْرِ الْعَذَابِ تَرْهِيبًا وَزَجْرًا
مِنْهَا: قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يشاء والله على كل شيء قدير﴾ لِأَنَّهَا وَرَدَتْ فِي ذِكْرِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالسُّرَّاقِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَ ذِكْرِ الْعَذَابِ لِهَذَا خَتَمَ آيَةَ السَّرِقَةِ بِـ "عَزِيزٌ حَكِيمٌ" وَفِيهِ الْحِكَايَةُ الْمَشْهُورَةُ وَخَتَمَهَا بِالْقُدْرَةِ مُبَالَغَةً فِي التَّرْهِيبِ لِأَنَّ مَنْ تَوَعَّدَهُ قَادِرٌ عَلَى إِنْفَاذِ الْوَعِيدِ كَمَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ لِأَنَّهَا فِي سِيَاقِ حِكَايَةِ إِنْذَارِ إِبْرَاهِيمَ لِقَوْمِهِ
وَمِثْلُهَا {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ