إن دفاع بوين لا يتفق وما تتضمنه مقالته ومقالة توبي ليستر. فهما شاهدان عليه، وقد قال ما أشرنا إليه آنفا على أساس هاتين المقالتين. كما كان أبدى رغبته في إثبات أن القرآن له تاريخ مشيرا إلى جهود المستشرقين السابقين في هذا الصدد. فينبغي أن نتحدث قليلا عن النقاط التي أثارها بوين.
أولا: إنه عندما يشير إلى المخطوطات القرآنية التي كانت قد جمعتها جامعة ميونخ في ألمانيا والتي دمرتها قنبلة أثناء الحرب العالمية الثانية، لا يشير إلى حقيقة هامة وهي أن المسؤولين عن هذه المخطوطات كانوا نشروا تقريرا أوليا عنها قبيل اندلاع الحرب قائلين: إنه قد تمت المقارنة بين عدد كبير من النسخ وإن لم تتم المقارنة بينها جميعاً، وإنه لم يوجد اختلاف في النص القرآني ما عدا أخطاء طفيفة في الإملاء أو النسخ هنا أو هناك والتي لا تمس بوحدة النص. (١) فالاختلاف الذي لاحظه بوين في المخطوطات الصنعانية طبيعي ولا يتعدى هذا النوع من الأخطاء الإملائية.
ثانيا: إن إعادة كتابة لفظ أو عبارة في مكان ما (Palimpsests) لا تدل إلا على أن الكاتب كان قد أخطأ في كتابة اللفظ أو الحروف في أول الأمر فصححها بعد طمس الكلمة، أو أن الكلمة كانت قد طمست لسبب ما فكان من الضروري إعادة كتابتها. على أية حال، فإنها لا تدل على تطوير أو تعديل النص إلا في حالة وجود نسخة أخرى توجد فيها في الموضع نفسه عبارة أو كلمة أخرى، وهذا لم يثبت من المخطوطات الصنعانية أو من مخطوطات أخرى.