موقف العلماء من هذه الظواهر
مدخل
...
موقف العلماء من هذه الظواهر:
وإزاء هذه الظواهر التي جاءت في الرسم العثماني مخالفة لقواعد الرسم القياسي، اختلف العلماء في ذلك على اتجاهين:
الاتجاه الأول:
أن الصحابة -رضي الله عنهم- الذين كتبوا المصاحف كانوا متقنين لقواعد العربية والخط العربي، فكتبوا المصاحف على هذه القواعد، وخالفوا هذه القواعد في بعض الكلمات لعلل وأسرار كثيرة، تتفق مع مكانة القرآن الكريم وكيفية تلاوته.
قال العلامة اللغوي ابن فارس:
"ومن الدليل على عرفان القدماء من الصحابة وغيرهم بالعربية: كتابتهم المصحف على الذي يعلله النحويون في ذوات الواو والياء، والهمز، والمد والقصر، فكتبوا ذوات بالياء، وذوات الواو بالواو، ولم يصوروا الهمزة إذا كان ما قبلها ساكنا في مثل "الخبء" و"الدفء". و"الملء" فصار ذلك كله حجة، وحتى كره من العلماء ترك اتباع المصحف من كره.
فحدثني عبد الرحمن بن حمدان عن محمد بن الجهم السمري عن الفراء قال: اتباع المصحف -إذا وجدت له وجها من كلام العرب- وقراءة القرآن أحب إلي من خلافه"١.
وقال الإمام ابن الجزري:
"فانظر كيف كتبوا "الصراط" و"المصيطرون" بالصاد المبدلة من السين، وعدلوا عن السين التي هي الأصل، لتكون قراءة السين -وإن خالفت الرسم من وجه- قد أتت على الأصل فيعتدلاون٢، وتكون قراءة الإشمام محتملة،
٢ أي: فيتعادلان، الأصل والرسم.