رسمت في المصحف الشامي بلا واو ﴿وَقَالُوا﴾ وعلى ذلك جاءت قراءة ابن عامر.
وفي بقية المصاحف بالواو١. وتقدم لذلك أمثلة كثيرة.
والخلاصة:
إن رسم المصاحف العثمانية على هذه الكيفية إنما كان لعلل وأسرار كثيرة، منها ما وقفنا على علله، ومنها ما لم نقف له على علة حتى الآن.
قال الإمام أبو عمرو الداني:
"وليس شيء من الرسم، ولا من النقط اصطلح عليه السلف -رضوان الله عليهم- إلا وقد حاولوا به وجها من الصحة والصواب، وقصدوا به طريقا من اللغة والقياس، لموقعهم من العلم، ومكانهم من الفصاحة، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم"٢.
الاتجاه الثاني: اتجاه خطأ الصحابة في الكتابة:
هذا الاتجاه يرى: أن الاختلاف في كتابة المصاحف بظواهره المتقدمة كان ناشئا عن جهل الصحابة -رضي الله عنهم- بقواعد الخط، وبعدهم عن الصنائع.
وقد أشار ابن خلدون إلى ذلك فقال: "... فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة، ولا إلى التوسط، لمكان العرب من البداوة والتوحش، وبعدهم عن الصنائع، وانظر ما وقع لأجل ذلك من رسمهم المصحف، حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، وكانت غير مستحكمة في الإجادة، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها، ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها، تبركا بما رسمه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخير الخلق من بعده، المتلقون لوحيه من كتاب الله وكلامه، كما يقتفى لهذا العهد خط ولي أو عالم تبركا، ويتبع رسمه خطأ أو صوابا، وأين نسبة ذلك من الصحابة فيما كتبوه، فاتبع ذلك وأثبت رسما، ونبه العلماء بالرسم على مواضعه" ثم قال: "ولا تلتفتن في ذلك

١ انظر: النشر "٢/ ٢٢٠".
٢ المحكم ص١٩٦.


الصفحة التالية
Icon