وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} ١، وعن قوله: ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ﴾ ٢ فقالت: يابن أختي، هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتابه٣.
الرد على هذا الاتجاه:
يمكن الرد على اتجاه القائلين بخطأ الصحابة -رضي الله عنهم- في كتابة المصاحف من عدة وجوه:
أولا: عدم التسليم بأن الكتابة العربية كانت عاجزة عن الاستجابة لمتطلبات اللغة، فإنه من الثابت أن الكتابة تولدت ونمت في شمال الجزيرة في بلاد الأنباط، ثم اتجهت -تحت تأثير السياسة- إلى الشرق، ووجدت في الحواضر العربية من العراق المناخ الملائم لأن تتطور وتتأصل وتنتشر في الحيرة وغيرها من القرى العربية... مما أدى إلى انتشار الكتابة بين عرب العراق قبل الإسلام، واتصال أهل مكة بأهل الحيرة أمر مسلم به، فلا يستبعد أن يكون أهل مكة والمدينة قد تعلموا من أهل الحيرة، وأن هؤلاء قد علموا غيرهم من قريش وغيرهم٤.
وقد أثبتت الكتابات والنقوش المكتشفة أن العرب في الجاهلية كانوا يكتبون قبل الإسلام بأكثر من ثلاثة قرون، لكن لم تكن الكتابة لديهم شائعة إلا قرب البعثة المحمدية٥.
وقد ذكر المؤرخون عددا من الذين كانوا يعلمون الكتابة في الجاهلية، ومنهم: عمرو بن زرارة، وكان يسمى: الكاتب، وغيلان بن سلمة، وكانت
٢ سورة المائدة من الآية "٦٩" وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى﴾ ووجهت بأن قوله تعالى: ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ بالرفع على الابتداء، وخبره محذوف، تقديره: كذلك. الإتحاف "١/ ٥٤١".
٣ رواه الطبري في تفسيره "١/ ١٨"، والداني في المقنع ص١٢٣، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص٢٢٩، وأورده القرطبي في تفسيره "٦/ ١٤، ١١/ ٢١٦" والسيوطي في الإتقان "١/ ٤٩٥-٤٩٦" عن أبي عبيد وقال: صحيح على شرط الشيخين، وفي الدر المنثور "٢/ ٧٤٤-٧٤٥" وعزاه إلى أبي عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي داود وابن المنذر.
٤ تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي "٧/ ٦٥".
٥ مصادر الشعر الجاهلي ص٢٥.