والسبب في ذلك أن موضعي "الشعراء" و"ص" فيهما قراءتان:
الأولى: "ليكة" بلام مفتوحة بلا ألف وصل قبلها، ولا همزة بعدها، وفتح تاء التأنيث غير منصرفة للعلمية والتأنيث، وهي قراءة نافع وابن كثير، وابن عامر، وأبي جعفر.
وقرأ الباقون بهمزة وصل، وسكون اللام، وبعدها همزة مفتوحة، وكسر التاء "الأيكة".
والقراءتان صحيحتان متواترتان.
أما موضعا الحجر وق فرسمتا بالألف قبل اللام ﴿الْأَيْكَةِ﴾ والسبب في ذلك: أن هذين الموضعين ليس فيهما إلا قراءة واحدة: ﴿الْأَيْكَةِ﴾ بهمزة وصل، وسكون اللام، وبعدها همزة مفتوحة، وكسر التاء١.
وفي هذا المثال دلالتان:
إحداهما أن الصحابة -رضي الله عنهم- إنما رسموا هذه الكلمات وما شابهها بهذه الطريقة بناء على قواعد وأسس دقيقة، وأن الله -تعالى- قد اختارهم مع رسوله -صلى الله عليه وسلم- لحفظ دينه وكتابه، فلا يصح نسبة الخطأ إليهم في مثل هذا العمل.
الدلالة الثانية: أن القراءة سنة متبعة. لا اجتهاد فيها ولا قياس، وإلا فلماذا قرئت هذه الكلمة في بعض السور بقراءتين، وفي البعض الآخر بقراءة واحدة؟
وما قيل من أن قراءة "لئيكة" بدون همزة أخذت من رسم الكلمة مردود، لأن القراءة سابقة على الكتابة كما هو معروف.
فنظرية تأثر القراءات بالرسم، وأن السبب في اختلاف القراءات خلو المصاحف من النقط والشكل ورسم بعض الكلمات بطريقة معينة، هذه النظرية نظرية إلحادية، أوردها بعض المستشرقين للطعن في صحة القرآن الكريم، باعتباره مصدر التشريع الأول.
قال المستشرق "جولدزيهر" في كتابه "مذاهب التفسير الإسلامي": "فلا يوجد كتاب تشريع اعترفت به طائفة دينية اعترافا عقديا، على أنه نص منزل