موحى به، يقدم نصه في أقدم عصور تداوله مثل هذه الصورة من الاضطراب، وعدم الثبات، كما نجد في نص القرآن"١.
ثم تحدث عن سبب اختلاف القراءات فقال:
"وترجع نشأة قسم كبير من هذه الاختلافات إلى خصوصية الخط العربي الذي يقدم هيكله المرسوم مقادير صوتية مختلفة، تبعا لاختلاف النقاط الموضوعة فوق الهيكل أو تحته، وعدد تلك النقاط، بل كذلك في حالة تساوي المقادير الصوتية يدعو اختلاف الحركات، الذي لا يوجد في الكتابة العربية الأصلية ما يحدده، إلى اختلاف مواقع الإعراب للكلمة، وبهذا إلى اختلاف دلالتها.
وإذًا: فاختلاف تحلية هيكل الرسم بالنقط، واختلاف الحركات في المحصول الموحد الغالب من الحروف الصامتة، كانا هما السبب الأول في نشأة حركة اختلاف القراءات، في نص لم يكن منقوطا أصلا، أو لم تتحر الدقة في نقطه أو تحريكه"٢.
وفيما ذكرناه سابقا -من أن القراءة كانت سابقة على الرسم، وأنها كانت تتلقى مباشرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأسانيد الصحيحة -ما يرد على هذه الدعوى الملحدة، التي تهدف إلى النيل من القرآن الكريم، الذي تكفل الله-تبارك وتعالى- بحفظه دون سائر الكتب المنزلة.
وقد تصدى العلماء لبيان كذب هذه الدعوى بما لا يدع مجالا للشك، من أن الصحابة -رضي الله عنهم- إنما كتبوا المصاحف بناء على ما تلقوه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم تكن القراءة تابعة للرسم.
ومن الرسائل المهمة التي فندت هذه الدعوى: كتاب شيخنا الشيخ عبد الفتاح عبد الغني القاضي المتوفى سنة ١٤٠٣هـ بعنوان "القراءات في نظر المستشرقين والملحدين"٣.
٢ المصدر السابق ص٨.
٣ طبع بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عام ١٣٩٢هـ ١٩٧٢م.