ومما قاله في كتابه هذا، مما يتصل بموضوعنا:
"في القرآن الكريم كلمات تكررت في مواضع كثيرة، ورسمت برسم واحد في جميع المواضع، ولكنها في بعض المواضع وردت فيها القراءات التي يحتملها رسمها، فاختلف فيها القراء، وتنوعت فيها قراءاتهم.
وفي بعض المواضع اتفق القراء على قراءتها بوجه واحد، لأن غيره لم يصح به النقل، ولم تثبت به الرواية، مع أن الرسم يحتمله.
وهاك أمثلة لما ذكرنا:
المثال الأول: كلمة "مالك" ذكرت في القرآن على أنها صفة، أو في حكم الصفة في ثلاثة مواضع:
"ملك يوم الدين" في الفاتحة.
"قل اللهم ملك الملك" في آل عمران.
﴿مَلِكِ النَّاس﴾ في سورة الناس.
ورسمت هذه الكلمة برسم واحد في المواضع الثلاثة، وهو: حذف الألف بعد الميم، ولكن القراء اختلفوا في قراءتها في موضع الفاتحة فقط، فمنهم من قرأها بحذف الألف، ومنهم من قرأها فيه بإثباتها.
أما مواضع آل عمران: فقد اتفقوا على قراءتها فيه بإثبات الألف، مع أنه لو قرئت الكلمة في هذا الموضع بحذف الألف، لكان ذلك سائغا لغة ومعنى، ولكن لم تقرأ بالحذف في هذا الموضع، لعدم ثبوت الرواية فيه بالحذف.
وأما موضع سورة "الناس" فقد اتفق القراء على قراءة الكلمة فيه بحذف الألف، مع أنه لو قرئت هذه الكلمة في هذا الموضع بإثبات الألف، لكان ذلك سائغا لغة ومعنى، ولكن لم تقرأ الكلمة في هذا الموضع بالإثبات، لعدم ثبوت النقل فيه بالإثبات.
فلو كانت القراءات بالرأي والاجتهاد، لا بالتلقي والتوقيف، وكان تنوع


الصفحة التالية
Icon