القرآن سر من أسرار المشاهدة وكمال الرفعة، وهو صادر من النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة، وإنما هو بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها ونحو ذلك، لأسرار لا تهتدي إليها العقول إلا بفتح رباني، وهو سر من الأسرار التي خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية، فكما أن نظمه معجز، فرسمه معجز أيضا"١.
ثانيا: فعل الصحابة:
الدليل الثاني على أن الرسم العثماني توقيفي: فعل الصحابة -رضي الله عنهم- فمن الثابت أن أبا بكر -رضي الله عنه- لما تولى الخلافة وأمر بجمع القرآن، كتبه الكتبة على نفس الهيئة التي كتب عليها أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم جاء عثمان -رضي الله عنه- وأمر بنسخ المصاحف من صحف أبي بكر على هذا الرسم.
وقد حث الرسول ﷺ على الاقتداء بالخلفاء الراشدين والتمسك بفعلهم فقال -صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" ٢.
وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوا آثارهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم"٣.

١ انظر: الإبريز للشيخ عبد العزيز بن مسعود الدباغ ص٦٠.
٢ حديث صحيح: أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة "٢/ ٥٠٦"، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع "٥/ ٤٤" وابن ماجه في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشين المهديين، وأحمد في المسند "٤/ ١٢٦".
٣ انظر: إعلام الموقعين "٤/ ١٣٩".


الصفحة التالية
Icon