فلا مانع من كتابة "المصحف" بالخط المعروف للناس اليوم، تسهيلا عليهم، ورفعا للحرج عنهم١.
مناقشة هذا الدليل:
هذا الدليل مبني على الاتجاه الذي يرى خطأ الصحابة -رضي الله عنهم- في كتابة القرآن الكريم، وقد سبق الرد على ذلك، وبينا أنهم -رضي الله عنهم- كانوا يكتبون بناء على قواعد صحيحة، ولذلك فرقوا بين الكلمات المتشابهة، فألحقوا الواو بكلمة "أولئك" للفرق بينها وبين "إليك" باعتبار أن المصاحف كانت خالية من النقط والشكل.
قال الألوسي: "والظاهر أن الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا متقنين رسم الخط، عارفين ما يقتضي أن يكتب، وما يقتضي أن لا يكتب، وما يقتضي أن يوصل، وما يقتضي أن لا يوصل... إلى غير ذلك، لكن خالفوا في بعض المواضع لحكمة"٢.
وقال ابن الجزري: "إن كتابة الصحابة للمصحف مما يدل على عظيم فضلهم في علم الهجاء خاصة، وثقوب فهمهم من تحقيق كل علم"٣.
إن دعوى خطأ الصحابة -رضي الله عنهم- في كتابة المصاحف يتعارض مع ما وعد الله -تعالى- به من حفظ كتابه في قوله -جل وعلا- ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.
ثالثا: أن الرسم العثماني بظواهره المتقدمة المخالفة لقواعد الرسم الاصطلاح توقع عامة المسلمين في حرج، وتؤدي إلى التحريف في كتاب الله تعالى، فتحاشيا لذلك يجب كتابة المصاحف بالرسم الإملائي الحديث، تمشيا مع المصلحة التي تتفق مع قواعد الشريعة ومقاصدها العامة.
٢ تاريخ القرآن، وغرائب رسمه للكردي ص١١٧.
٣ النشر "١/ ١٢" ببعض تصرف.