رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن الصحابة الذين تلقوا عنه -صلى الله عليه وسلم.
فلما اتسعت بلاد المسلمين، وكثر الأعاجم الداخلون في الإسلام، بدأ اللحن يتطرق إلى ألسنة الناس، وظهر ذلك في قراءة بعضهم للقرآن الكريم، فاقتضى الأمر وضع علامات تساعد على النقط السليم لكلمات القرآن دون المساس بالرسم العثماني.
روى أبو عمرو الداني "ت٤٤٤هـ" عن محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو عكرمة قال: قال العتبي: "كتب معاوية -رضي الله عنه- إلى زياد، يطلب عبيد الله ابنه، فلما قدم عليه كلمه، فوجده يلحن، فرده إلى زياد، وكتب إليه كتابا يلومه فيه، ويقول: أمثل عبيد الله يضيع؟ فبعث زياد إلى أبي الأسود الدؤلي "ت٦٩هـ" فقال: يا أبا الأسود، إن هذه الحمراء "أي: الأعاجم" قد كثرت، وأفسدت من ألسن العرب، فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم، ويعربون به كتاب الله تعالى؟
فأبى ذلك أبو الأسود، وكره إجابة زياد إلى ما سأل.
فوجه زياد رجلا فقال له: اقعد في طريق أبي الأسود، فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآن، وتعمد اللحن فيه، ففعل ذلك، فلما مر به أبو الأسود رفع الرجل صوته فقال: "... أن الله برئ من المشركين ورسولِهِ"١.
فاستعظم ذلك أبو الأسود، وقال: عز وجه الله أن يبرأ من رسوله. ثم رجع من فوره إلى زياد، فقال: يا هذا، قد أجبتك إلى ما سألت ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن، فابعث إلي ثلاثين رجلا، فأحضرهم زياد، فاختار منهم أبو الأسود عشرة، ثم لم يزل يختار منهم، حتى اختار رجلا من عبد القيس، فقال: خذ المصحف وصبغا يخالف لون المداد٢، فإذا فتحت شفتي فانقط
٢ أي: لونا يخالف لون المصحف.