فيما قال. قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قالت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن فقلت إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به، ولئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني لبريئة لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة، لتصدقني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف إذ قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ ثم تحولت على فراشي وأنا أرجو أن يبرئني الله، ولكن والله ما ظننت أن ينزل في شأني وحيا، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلم بالقرآن في أمري، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله، فوالله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في يوم شات، فلما سُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يضحك، فكان أو لكلمة تكلم بها أن قال لي: "يا عائشة احمدي الله فقد برأك الله". فقالت أمي: قومي إلى رسول الله. فقلت: لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله فأنزل الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ – الآيات – فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد ما قاله لعائشة، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ إلى قوله ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه. وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال: "يا زينب ما علمت ما رأيت". فقالت: أحمي سمعي وبصري والله ما علمت عليها إلا خيرًا. قالت وهي التي كانت تساميني فعصمها الله بالورع.