بِأَلْسِنَتِنَا فَهَذَا الْأَثَرُ لَا إِشْكَالَ فِيهِ وَبِهِ يَتَّضِحُ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابَتِهِ فَرَأَى فِيهِ شَيْئًا كُتِبَ عَلَى غَيْرِ لِسَانِ قُرَيْشٍ كَمَا وَقَعَ لَهُمْ فِي " التَّابُوةُ "وَ " التَّابُوتُ " فَوَعَدَ بِأَنَّهُ سَيُقِيمُهُ عَلَى لِسَانِ قُرَيْشٍ ثُمَّ وَفَى بِذَلِكَ عِنْدَ الْعَرْضِ وَالتَّقْوِيمِ وَلَمْ يَتْرُكْ فِيهِ شَيْئًا. وَلَعَلَّ مَنْ رَوَى تِلْكَ الْآثَارَ السَّابِقَةَ عَنْهُ حَرَّفَهَا وَلَمْ يُتْقِنِ اللَّفْظَ الَّذِي صَدَرَ عَنْ عُثْمَانَ فَلَزِمَ مِنْهُ مَا لَزِمَ مِنَ الْإِشْكَالِ فَهَذَا أَقْوَى مَا يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَبَعْدُ فَهَذِهِ الْأَجْوِبَةُ لَا يَصْلُحُ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَمَّا الْجَوَابُ بِالتَّضْعِيفِ فَلِأَنَّ إِسْنَادَهُ صَحِيحٌ كَمَا تَرَى وَأَمَّا الْجَوَابُ بِالرَّمْزِ وَمَا بَعْدَهُ فَلِأَنَّ سُؤَالَ عُرْوَةَ عَنِ الأحرف المذكور لَا يُطَابِقُهُ فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ أُشْتَةَ وَتَبِعَهُ ابْنُ جُبَارَةَ فِي شَرْحِ الرَّائِيَةِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا " أَخْطَئُوا " أَيْ فِي اخْتِيَارِ الْأَوْلَى مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ لِجَمْعِ النَّاسِ عَلَيْهِ لَا أَنَّ الَّذِي كَتَبُوا مِنْ ذَلِكَ خَطَأٌ لَا يَجُوزُ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَالَا يَجُوزُ مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ وُقُوعِهِ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: لَحْنٌ مِنَ الْكَاتِبِ فَيَعْنِي بِاللَّحْنِ الْقِرَاءَةَ وَاللُّغَةَ يَعْنِي أَنَّهَا لُغَةُ الَّذِي كَتَبَهَا وَقِرَاءَتُهُ وَفِيهَا قِرَاءَةٌ أُخْرَى.
ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ و " إِنْ هَذَيْنِ لَسَاحِرَانِ " سَوَاءٌ لَعَلَّهُمْ كَتَبُوا الْأَلِفَ مَكَانَ الْيَاءِ وَالْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ مَكَانَ الْيَاءِ قَالَ ابْنُ أُشْتَةَ: يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ إِبْدَالِ حَرْفٍ فِي الْكِتَابِ بحرف مثل الصلاة والزكاة والحياة.
وَأَقُولُ: هَذَا الْجَوَابُ إِنَّمَا يَحْسُنُ لَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ بِالْيَاءِ فِيهَا وَالْكِتَابَةُ