وَمِنَ الثَّانِي "وَأَخْرِجْهَا" وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هو أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الْكَلَامِ مُتَقَابِلَانِ فَيُحْذَفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقَابِلُهُ لِدَلَالَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾ التَّقْدِيرُ "إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنْتُمْ بُرَآءُ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ إِجْرَامُكُمْ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ"
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ التَّقْدِيرُ: "وَيُعَذِّبُ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ فَلَا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ أَوْ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ فَلَا يُعَذِّبُهُمِ"
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾ أَيْ حَتَّى يَطْهُرْنَ مِنَ الدَّمِ وَيَتَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ فَإِذَا طَهُرْنَ وَتَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ
وَقَوْلُهُ: ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً﴾ أَيْ عَمَلًا صَالِحًا بِسَيِّئٍ وَآخَرَ سيئا صالح
قُلْتُ: وَمِنْ لَطِيفِهِ قَوْلُهُ: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ أَيْ فِئَةٌ مُؤْمِنَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ تَقَاتُلُ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ
وَفِي الْغَرَائِبِ لِلْكِرْمَانِيِّ: فِي الْآيَةِ الْأُولَى التَّقْدِيرُ: "مَثَلُ الذين كفروا معك يَا مُحَمَّدُ كَمَثَلِ النَّاعِقِ مَعَ الْغَنَمِ" فَحُذِفَ مَنْ كُلِّ طَرَفٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَلَهُ فِي الْقُرْآنِ نَظَائِرُ وَهُوَ أَبْلَغُ مَا يَكُونُ مِنَ الْكَلَامِ انْتَهَى.
وَمَأْخَذُ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ مِنَ الْحَبْكِ الَّذِي مَعْنَاهُ الشَّدُّ وَالْإِحْكَامُ وَتَحْسِينُ أَثَرِ الصَّنْعَةِ فِي الثَّوْبِ فَحَبْكُ الثَّوْبِ سَدُّ مَا بَيْنَ خُيُوطِهِ مِنَ الْفُرَجِ وَشَدُّهُ وَإِحْكَامُهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُ عَنْهُ الْخَلَلَ مَعَ الْحُسْنِ وَالرَّوْنَقِ وَبَيَانُ أَخْذِهِ مِنْهُ من أَنَّ


الصفحة التالية
Icon