قَاعِدَةٌ
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ إِذَا وَرَدَ التَّعَجُّبُ مِنَ اللَّهِ صُرِفَ إِلَى الْمُخَاطَبِ كَقَوْلِهِ: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ أَيْ هَؤُلَاءِ يَجِبُ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا لَا يُوصَفُ تَعَالَى بِالتَّعَجُّبِ لِأَنَّهُ اسْتِعْظَامٌ يَصْحَبُهُ الْجَهْلُ وَهُوَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا تعبر جماعة بالتعجيب بَدَلَهُ: أَيْ أَنَّهُ تَعْجِيبٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُخَاطِبِينَ وَنَظِيرُ هَذَا مَجِيءُ الدُّعَاءِ وَالتَّرَجِّي مِنْهُ تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا تَفْهَمُهُ الْعَرَبُ أي هؤلاء مما يَجِبُ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: عِنْدَكُمْ هَذَا وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قوله تعالى: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ الْمَعْنَى: اذْهَبَا عَلَى رَجَائِكُمَا وَطَمَعِكُمَا وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ لا: نقول هَذَا دُعَاءٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ بِذَلِكَ قَبِيحٌ وَلَكِنَّ الْعَرَبَ إِنَّمَا تَكَلَّمُوا بِكَلَامِهِمْ وَجَاءَ الْقُرْآنُ عَلَى لُغَتِهِمْ وَعَلَى مَا يَعْنُونَ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ أَيْ هَؤُلَاءِ مما وجب هذا الْقَوْلُ لَهُمْ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إِنَّمَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الشُّرُورِ وَالْهَلَكَةِ فَقِيلَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْهَلَكَةِ.
فَرْعٌ
مِنْ أَقْسَامِ الْخَبَرِ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ نَحْوُ ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ﴾ ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ﴾ وَفِي كَلَامِ ابْنِ قُتَيْبَةَ مَا يُوهِمُ أَنَّهُ إِنْشَاءٌ