بِلَفْظَةٍ مِنْ جِنْسِهَا فِي الْغَرَابَةِ تَوَخِّيًا لِحُسْنِ الجوار ورغبة فِي ائْتِلَافِ الْمَعَانِي بِالْأَلْفَاظِ وَلِتَتَعَادَلَ الْأَلْفَاظُ فِي الْوَضْعِ وَتَتَنَاسَبُ فِي النَّظْمِ وَلَمَّا أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ فَأَتَى بِجَمِيعِ الْأَلْفَاظِ مُتَدَاوَلَةً لَا غَرَابَةَ فِيهَا
وَمِنَ الثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ لَمَّا كَانَ الرُّكُونُ إِلَى الظَّالِمِ وَهُوَ الْمَيْلُ إِلَيْهِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ دُونَ مُشَارَكَتِهِ فِي الظُّلْمِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعِقَابُ عَلَيْهِ دُونَ الْعِقَابِ عَلَى الظُّلْمِ فَأَتَى بِلَفْظِ"الْمَسِّ"الَّذِي هُوَ دُونَ الْإِحْرَاقِ وَالِاصْطِلَاءِ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ أَتَى بِلَفْظِ"الِاكْتِسَابِ"الْمُشْعِرِ بِالْكُلْفَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي جَانِبِ السَّيِّئَةِ لِثِقَلِهَا
وَكَذَا قَوْلُهُ: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا﴾ فهو أَبْلَغُ مِنْ كُبُّوا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أنهم يكبون كَبًّا عَنِيفًا فَظِيعًا
﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ﴾ فإنه أبلغ من"يَصْرُخُونَ"لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ صُرَاخًا مُنْكَرًا خَارِجًا عَنِ الْحَدِّ الْمُعْتَادِ
﴿أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ"قَادِرٍ"لِلْإِشَارَةِ إِلَى زِيَادَةِ التَّمَكُّنِ فِي الْقُدْرَةِ وَأَنَّهُ لَا رَادَّ لَهُ وَلَا معقب ومثل ذلك ﴿وَاصْطَبِرْ﴾ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ"اصْبِرْ"وَ"الرَّحْمَنِ"