بالتفسير، وأن يوضحوا مناهجهم فيه، وهل هم من طبقة المفسرين أو هم من علماء التأويل؟ مع الإفصاح عما يؤكد أهليتهم لما يتعرضون له.
والناس يحتاجون إلى شروح للكلام الموجَّه إليهم، مع أنه يجب أن يراعي فيه المتكلم مقتضى الحال وعقلية المخاطب؛ إلا أنه يحتاج إلى مزيد من الإيضاح لكمال المؤلف ودقته. وأحيانًا يحتاج الناس إلى الشروح لغفلة المصنف عن ذكر بعض الجزئيات، وتارة يحتاجون لتردد اللفظ بين معانٍ عديدة يخفى تحديد المراد منها.
هذا بالنسبة للكلام المحتاج إلى شرح وتفصيل أعم من أن يكون الكلام لله أو لغيره، كل بما يليق به، والغفلة على الله محالة.
لذا فاحتياجنا لتفسير كلام الله يرجع إلى قصور فهم البعض منا عن إدراك المعاني الكثيرة من اللفظ الوجيز، أو تعيين المراد من اللفظ عند قيام أو ترجيح المراد بالأمارات.
فمن أراد تفسير القرآن فعليه قبل كل شيء أن يصحح عقيدته ومقصده: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ وعليه ثانيًا أن يُحصِّل لنفسه وسائل البحث من أصول فقه، وعلم بأسباب النزول، وعلم بالسنة رواية ودراية، وعلم بالعربية لغة ونحوًا وصرفًا وبلاغة بفروعها، ثم ليبدأ بطلب التفسير من القرآن، فإن لم يجد فليطلب مراده من السنة.
وهذان هما التفسير بالماثور.
فإن لم يجد رجع إلى أقوال الصحابة، فهم أدرى بالتنزيل وأعرف بالمراد، فإن تكلموا فيما لا مجال للرأي فيه، فكلامهم من التفسير بالمأثور، وإلا فهو من التفسير بالرأي؛ لتصريح الصديق بذلك في قوله: أي سماء تظلني؟! وأي أرض تقلني؟! إن أنا قلت في كتاب الله برأيي.