وقول الصحابي: نزلت الآية في كذا.. يحتمل أن يكون ذلك نصًّا منه على السبب، فهو من المسند، وعليه جرى البخاري.. ويحتمل أن يكون ذلك من قياسه وإلحاقه بالسبب، وهو مذهب غير البخاري.. ولا يعتبر السبب سببًا إلا إذا نزلت الآية عقيبه١.
أما إذا كانت الآية خبرًا عن قصة وقعت؛ فلا يصلح أن تكون القصة هي السبب؛ كقصة أصحاب الفيل، وقوم نوح، واتخاذ إبراهيم خليلًا.
وإذا تعارضت الأقوال في سبب النزول رجح الأقوى، أو جمع عند إمكان الجمع والتساوي. فإن لم يمكن والمرويات كلها صحيحة وفي درجة واحدة قيل بتعدد النزول.. وقد تنزل الآية لأكثر من سبب واحد.
وأمثلة كل هذا لا تخفى على مطلع في كتب التفسير والحديث.
كما قد يكون السبب واحدًا وتنزل من أجله آيات في مواضع عديدة. مثاله: أن بعض المنافقين عاتبهم النبي -صلى الله عليهم وسلم- على ما يقولونه فيه، فحلفوا له بالله؛ فأنزل الله: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا﴾، وأنزل في سورة أخرى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ﴾.

١ "مقدمة في أصول التفسير" لابن تيمية رحمه الله، بشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين ص٤٩.


الصفحة التالية
Icon