تمثيل ما ليس بمرئى حتى يصير مرئيًّا، فينتقل السامع من حد السماع إلى حد العِيَان، وذلك أبلغ في البيان..
وقد تقرن الاستعارة بما يلائم المستعار منه، أو بما يلائم المستعار له.. فمثال الأول: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ﴾.. فالربح ملائم للشراء المستعار منه "اشترى" للاستبدال..
ومثال الثاني قوله تعالى: ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾.. استعير اللباس للجوع، ثم قرن بما يلائم المستعار له من الإذاقة..
ولو أراد ما يلائم المستعار منه لقال: فكساها.. لكنه أراد ما يلائم المستعار له وهو "الجوع"؛ ليكون الألم في الباطن لا في الظاهر الذي ينبئ عنه "فكساها".
وقد تكون الاستعارة بلفظين؛ نحو: ﴿قَوَارِيرَا، قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ﴾ يعني: تلك الأواني ليست من الزجاج ولا من الفضة؛ بل في صفاء القارورة وبياض الفضة.
وقوله: ﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾ فالصب للدوام، والسوط للإيلام..
ومنها: الكناية والتعريض.. فالكناية كما عرَّفها أهل البيان: لفظ أُريد به لازم معناه؛ ككنايات القرآن عن الجماع باللمس والملامسة، أو المباشرة، أو الإفضاء، أو الرفث، أو الدخول، أو السر، أو الغشيان، أو المسيس، أو المراودة، أو اللباس، أو الحرث...
فتلك ألفاظ أُريد بها لازم معناها.. وقد يكون هذا اللازم قريبًا أو بعيدًا.. وقد يدق كما قد يظهر.. انظر كيف كنى عن الزنى بالبهتان في قوله:


الصفحة التالية
Icon