أما المساواة -وهي تعادل اللفظ مع المعنى- فلا تكاد توجد؛ لأنه ما من نص في القرآن إلا وهو موجز باستثناء يسير من النصوص المطنبة لفائدة اقتضاها المقام.
فمثلًا: قوله: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ التقدير: غفرت خطاياه ولم تحسب عليه؛ بل له حسنات.. وقوله تعالى: ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ أي: الضالين الصائرين من الضلال إلى التقوى.
وانظر إلى جوامع الكلم في الأوامر والنواهي بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾.. أشار بالعدل إلى كل الواجبات.. وبالإحسان إلى الإخلاص المطلوب في كل شيء.. وأومأ إلى النوافل بإيتاء ذي القربى.
وأما في النواهي، فبالفحشاء الإشارة إلى القوة الشهوانية، وبالمنكر إشارة إلى الآثار الموجودة من القوة الغضبية المضادة لشرع الله، وبالبغي إلى الاستعلاء الفائض عن القوة الوهمانية.
وفي مكارم الأخلاق قال: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ لأن في أخذ العفو التساهل والتسامح في الحقوق، أو اللين والرفق في الدعاء إلى الدين، وفي الأمر بالمعروف كف الأذى وغض البصر وما شاكلهما من المحرمات، وفي الإعراض الصبر والحِلْم والتُّؤَدة.
وتأمل الإشارة إلى كل المطعومات والمشروبات والملبوسات وما يحتاجه الناس في معايشهم بقوله: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا﴾.
ثم انظر إلى عيوب الخمر وسلامة خمر الجنة من تلك العيوب بقوله: ﴿لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ﴾.. نفى عن أهل الجنة الصداع وذَهَاب العقل وضياع المال وتلف الصحة ونفاد الشراب، وكل ذلك من عيوب خمر الدنيا.


الصفحة التالية
Icon