وقد استدل سبحانه وتعالى على المعاد الجسماني بضروب:
أحدها: قياس الإعادة على الابتداء؛ كما قال تعالى: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾.
ثانيها: قياس الإعادة على خلق السماوات والأرض بطريق الأَوْلَى؛ قال تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ﴾..
ثالثها: قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات؛ قال تعالى: ﴿فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾..
رابعها: قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر؛ قال تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾..
خامسها: أن الناس دائمًا مختلفون، واختلافهم في الحق لا يغير منه شيء ولا يقلبه باطلًا، فالحق ثابت في نفسه، ولا بد من الكشف عنه في حياة يرتفع فيها الخلاف؛ إجلالًا للحق وإيقافًا للناس عليه، قال تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾.
ومن وسائل القرآن في الإقناع بعد الاستدلال على الغائب بالشاهد استخدام دليل التمانع.
وخلاصته: امتناع الإمكان والوقوع عند التسليم بفرض من الفروض؛ قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾.. فلو فرض أكثر من إله اختلفت إرادة كل منهما؛ لامتنع الإمكان والوقوع، فالذي تنفذ إرادته هو الإله. ولو فرض إلهان متفقان في كل شيء لحكم العقل بداهة أنه لا داعي لأحدهما.