الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}.
السابع: المناقضة؛ وهو تعليق الأمر على محال؛ لبيان أن الذي علق على المحال فهو محال؛ نحو: ﴿وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾.
الثامن: مجاراة الخصم؛ ومعناه: التسليم له بما يقوله، وتنبيهه إلى أمر خفي عليه؛ كقول الكفرة لرسلهم: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ وكان رد الرسل: ﴿إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾.
وإذا كان الجدل خطاب العقل، فاعلم أن القرآن قد نوَّه بالعقل في العقيدة حيث قال: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾. فالعقل يدرك أنه إذا بَطَلَ اثنان من ثلاثة تعين الثالث؛ وهو أننا خلقنا والخالق لنا هو الله، وفي التبعة والتكليف فإن من سلب عقله لا يسأل مسئولية جنائية عن عمله؛ قال تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾.. ٢٠*١٢
والعقل -في مدلول لفظه العام- مَلَكَةٌ يُناط بها الوازع الأخلاقي أو المنع عن المحظور والمنكر..
وقد يخاطب القرآن العقل الوازع؛ مثل: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾..
وقد يخاطب القرآن العقل المدرك؛ مثل: خطاب أولي الألباب.. ومن هنا نتبين أن اللب الذي يخاطبه القرآن وظيفته عقلية تحيط بالعقل الوازع والمدرك والحكيم..
أما العقل الذي يفكر ويستخلص من تفكيره زبدة الرأي والرويَّة


الصفحة التالية
Icon