المحفوظ في ليلة القدر، ووُضع في بيت العزة في السماء الدنيا؛ لينزله جبريل بأمر الله منجمًا. قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا، وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ ١، وقال: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾..
وهذا القول هو المشهور..
وقيل: أنزل إلى اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر إلى بيت العزة ما سينزل في العام.
والقول الثالث: ابتدأ نزوله في ليلة القدر من اللوح المحفوظ، وكان ينزل بعد ذلك منجمًا من اللوح إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: أنزل من اللوح إلى السَّفَرَة التي كانت تعطي لجبريل المقدار المراد إنزاله٢.
والقول الأول هو الراجح؛ لأنه معزو إلى كبار الصحابة.
وكان القرآن أحيانًا ينزل منه جزء من الآية، وأحيانا آية كاملة، وأحيانًا خمس أو عشر آيات، وقد يزيد على ذلك العدد النازل.
بيد أن الذي كان يتلقاه خمس آيات حتى يجيد حفظها، ثم يتلقى غيرها، ولعل هذا قبل قوله له: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ٣.
وفي التقاء جبريل بالنبي كيفيتان: ارتقاء النبي بتغلب الروحانية على الجسدية، أو انخلاع الملَك إلى صورة البشر.
وإيحاء الله بالقرآن إلى جبريل كتحميل الملك أمينه كتابًا
٢ انظر: الإتقان ١/ ٤٣، ٤٤.
٣ سورة القيامة: ١٦-١٩.