ز- نزول القرآن على سبعة أحرف:
في الحديث: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ".
هذا الحديث رواه أكثر من عشرين صحابيًّا. وأقر عثمان بن عفان عليه عدد من الصحابة لا يحصون، مما يؤكد تواتره. وقد رواه أكثر كتب الحديث، واتفق عليه الصحيحان، واختلفوا في المراد بالأحرف السبعة على أقوال، أشير إلى أهمها:
١- هذا الحديث مشكل؛ لأن الحرف مشترك بين حرف الهجاء، وبين الكلمة فيقال لها: حرف، وبين المعنى فيقال لها: حرف، وبين الجهة التي يطلق عليها الحرف أيضًا، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾.
وقد سبق أن المشكل يمكن التعرف على المراد منه بعد التأمل. ولا يعني إشكاله التوقف فيه.
ولما كان القرآن يزيد على سبعة أحرف، وكلمات، ومعاني، تعين أن يراد بالحرف الجهة.. ولكن ما هي؟
٢- عدد السبعة لا يراد به الحصر؛ وإنما يراد به التكثير في الآحاد، كما أن السبعين في العشرات والسبعمائة في المئين، فيجوز أن تكون الأحرف ستة أو عشرة.. ويرد هذا القول ما روي من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يزل يستزيد جبريل حتى انتهى معه إلى سبعة أحرف، ولم يزد على ذلك. فحقيقة السبعة مرادة.
٣- المراد بالأحرف القراءات.. ويرد بأن في بعض كلمات القرآن تقل القراءات عن سبع، وفي بعضها زيادة على السبع.
٤- قال ابن قتيبة: المراد بها الأوجه التي يقع بها التغاير:
فأولها: ما يتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته؛ مثل: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ﴾ بالفتح والرفع.
ثانيها: ما ينغير بالفعل؛ مثل: بعد وباعد -بلفظ الطلب والماضي.
ثالثها: ما يتغير باللفظ؛ مثل: ﴿نُنْشِزُهَا﴾ وننشرها.
رابعها: ما يتغير بإبدال حرف قريب المخرج؛ مثل: ﴿طَلْحٍ مَنْضُودٍ﴾ وطلع.
خامسها: ما يتغير بالتقديم والتأخير؛ مثل: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ وسكرة الحق بالموت.
سادسها: ما يتغير بزيادة أو نقصان؛ مثل: والذكر والأنثى ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾.
سابعها: ما يتغير بإبدال كلمة بأخرى؛ مثل: ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ وكالصوف المنفوش.


الصفحة التالية
Icon