والجواب: أن الأمة مطالبة بحفظ القرآن ومخيرة بأي حرف شاءت قرأت؛ كالتكفير في اليمين بإحدى الكفارات. فإن قيل: وما العلة؟ قلنا: إن السبعة أحرف كانت للتيسير. فلما أضحى سببًا للفرقة والتكفير؛ كان من المستحسن الإجماع على لهجة واحدة.
الشبهة الثالثة: كيف توفقون بين هذا وبين ما أثر عن عثمان: "وما اختلفتم فيه فاكتبوه بلغة قريش؛ فإنما نزل بلغتهم". قال ذلك للكتبة وهم يجمعون القرآن ويكتبونه؟
والجواب: أن عثمان أراد بذلك ابتداء نزوله وكان بلغة قريش، أو أن أغلب ما فيه بلغتهم.
الشبهة الرابعة: إن كان المراد سبع لهجات، فلمَ اختلف عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم في سورة الفرقان، وهما قرشيان ولهجتهما واحدة؟
والجواب: أن إنكار أحدهما على الآخر لعدم سماعه، لا لأنه قرأ بغير لغته، ومن المحتمل أن يكون أحدهما سمع حرفًا بغير لغته فحفظه، وسمع الآخر حرفًا بلغته فحفظه، ولم تكلَّف الأمة أن تحفظ بلهجتها؛ بل هي مخيرة في أي لهجة شاءت.
الشبهة الخامسة: كيف تدعون أن القرآن بلغة قريش وفيه ما هو بغير لغتهم؛ مثل: "الأرائك" بلغة اليمن، "أفلم ييئس" بلغة هوازن؟
والجواب: إما أن قريشًا نقلتها فصارت من لغتها، أو توافقت لغة قريش مع غيرها. بيد أنها كانت مشهورة في غير لغة قريش، وفي القرآن كلمات غير عربية ولم تخرجه عن كونه عربيًّا مبينًا كالأعلام.