آمَنَّا بِهِ}. وفي سورة الحج: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ﴾. اهـ.
وما أجمل أن يتربط القرآن بعضه ببعض، ويفسر بعضه بعضًا!
وأما قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ فمن العلماء من اعتبر "الواو" للعطف.
وعليه، فالراسخون في العلم يعلمون تأويل المتشابه.
وأدلتهم على ذلك: أنه إذا لم يعلم الراسخون، تساووا مع غيرهم. وإذا لم يعلموا كان الخطاب بالمتشابه فوق مستوى البشر.
ومن العلماء من اعتبر "الواو" للاستئناف.
وعليه، فالراسخون في العلم يقولون: آمنا به، ولا يعلمون تأويله.
وحجتهم في ذلك: ما ورد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلا هذه الآية وقال لعائشة: "فإذا رأيت الذين في قلوبهم زيغ فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم".
وورود المتشابه عند هؤلاء لاختبار الإيمان، فإذا أذعن الراسخون في العلم وآمنوا بالمتشابه؛ كان على غيرهم الإذعان من باب أولى. ونصه على الراسخين لامتداحهم على إيمانهم بما لا يعلمون معناه؛ كإيمان المؤمنين بالغيب.
ومن الحجج أيضًا قراءة بعضهم: "وإن علم تأويله إلا عند الله"، ويقول الراسخون: وإذا لم يثبت هذه قراءة متواترة، فلا أقل من الاحتجاج به رواية كسائر السنة.
أخرج ابن مردويه من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه فآمنوا به".


الصفحة التالية
Icon