فإذا كان الارتباط ظاهرًا -كأن تكون الثانية مؤكدة للأولى أو مكملة لها- فالأمر هين. وإن لم يظهر وجه الربط بأن تكون كل آية أو جملة في موضوع مختلف. فإن وجد حرف عطف بحثنا عن الجهة الجامعة؛ إذ لا بد منها عند العطف؛ كقوله: ﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ فالجهة الجامعة التضاد.
وقد جرت عادة القرآن إذا ذكر أحكامًا ذكر بعدها وعدًا ووعيدًا؛ ليكون باعثًا على العمل، ثم يذكر آيات توحيد وتنزيه؛ ليعلم عظم الآمر والناهي.
وإن لم يوجد حرف العطف، فلا بد من دعامة يعتمد عليها في الربط، وهي قرينة معنوية يدركها المستنبط ببصيرته النفاذة؛ كإلحاق النظير بالنظير في قوله تعالى من سورة الأنفال: ﴿قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
ثم بَيَّنَ أوصافهم، وختم ذلك بقوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾..
وذكر جزاءهم فقال: ﴿لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ، كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾.
والتنظير هنا في أن الغنائم لما انتزعت من أيدي المجاهدين في أول الأمر وجعلت لله والرسول؛ تألم بعضهم لحرمانه منها. فألحق الله ذلك بكراهيتهم للخروج إلى الجهاد في أول الأمر، وتبينهم بعد ذلك أن في الخروج الغنيمة والنصر وعز الإسلام وهلاك الأعداء؛ كأنه يقول: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾..
ومن أمثلة الروابط: التضاد وشبهه؛ كالحديث عن الكافرين بعد المؤمنين وعكس ذلك هو كثير في القرآن..