لأهمية الآخرة، وتقديم المعمول على العامل لاستحضار المستعان به في قوله تعالى: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينَ﴾، وتقديم السحرة لهارون لأن فرعون كان لا يهتم إلا بموسى.. وتقديم يلقاه أهم من نشر الكتاب، ووجود الألف وصرف ما لا ينصرف فيهما مزيد من الإعلام، وعدم المطابقة مراعاة للفواصل في ذلك أيضًا ما تفيده الجملة من الثبوت والدوام، أو من الحدوث والتجدد، ولكل مقام مقال.
وأما الختم بألوان من الألفاظ التي يظن ترادفها -كاللب والنُّهَى- فلكل لفظ ما يناسبه من السياق؛ إذ اللب الجامع بين العقل والقلب، فهو أعلى مراتب العقل؛ ولذا ورد استعماله في المواضع التي يدق فيها الفهم ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
وبالتأمل في سائر المواضع تتضح المناسبة في التقديم والتأخير، وملاحظة رعاية الفواصل من المحسنات البلاغية في بعض المواضع وليس في كلها؛ ليتميز الكلام عن سجع الكهان المذموم.
وهذا هو مسلك القرآن، لم يلتزم أن تختم الآيات كما تختم القوافي في الشعر أو القرائن في السجع؛ بل يكتفي في المراعاة بأدنى ملابسة؛ كالألباب والأنصار وخبيرًا وحكيمًا.
قيل: لا تخرج رءوس الآي عن أربعة أشياء:
١- التمكين: وهو أن يقدم في الآية ما يدل على ختامها؛ بحيث يمكن للسامع أن يأتي بالختام بعد سماعه فقرات من الآية.. ومن ذلك: ﴿أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾.
ناسب الأمر بترك عبادة الآباء وما كانوا عليه الحلم. وناسب التصرف