مع اليهود الذين افتروا على الله الكذب، والكلام مع المشركين يقول: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا﴾ ؛ لأنهم لا كتاب لهم وضلالهم أشد.
وقد تختم الآية ختامًا يخالف ظاهرها؛ نحو قول المسيح: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
والظاهر: الغفور الرحيم؛ لكنه عدل عنه ليبين أن الغافر لمن يستحق العقوبة غالب، لا يُسأل عما يفعل.
وذلك هو معنى العزيز..
وأن الذي يغفر لمن يستحق العذاب قد يخفى فعله على بعض الناس فينكره، فبين تنزيهه عن العبث، وأن أي فعل يفعله لا يخرج عن الحكمة، فالحكمة فيما فعل.
ومن ذلك قوله في آل عمران: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
ظاهره أن يقول: والله بكل شيء عليم؛ لكن المقام مقام وعيد ومجازاة؛ فناسبه القدرة.
ومما تخفى مراعاة الفاصلة فيه قوله: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾.
ووجه المناسبة: أنه لما ذكر تسبيح الأشياء بحمده، ومن الناس من يغفل عن ذلك ولا يعاجله الله بالعقوبة قال: ﴿حَلِيمًا﴾، وأنه مهما سبح الكائن بحمد الله، فهو مقصر لا يوفي الله حقه؛ ولذا قال: ﴿غَفُورًا﴾.