فكل حكم علق على سبب أو أقت بوقت وتغير بتغير السبب أو بانتهاء الوقت المحدد له يسمى إنساء؛ لأن الله قال: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾.
فالنسخ عند هؤلاء في الحكم الذي لم يتمكن من فعله. والإنساء في الحكم المتغير بتغير السبب والوقت.
والذي أميل إليه أن كلًّا من هاتين الآيتين يحتاجان إلى تأمل؛ فتكليف الواحد أن يثبت أمام عشرة سائغ إذا كان بعد انتشار الإسلام وإعلاء كلمة أهله، وأن تكليفه بالثبات أمام اثنين هو المناسب لابتداء دخول الناس في الإسلام.
فالآية على هذا يكون حكمها وجوب الثبات أمام اثنين، ثم وجوب ثبات الواحد أمام العشرة، ولا يسمى مثل ذلك نسخًا؛ لأن المأمور بالثبات أمام عشرة مأمور بالثبات أمام اثنين.
وقوله: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ﴾ إشارة إلى ما سيكون في المستقبل. وأما قوله: ﴿الْآنَ﴾ فإشارة إلى الحكم المعمول به في الحاضر.
وأما الآية الثانية، فهي من التخصيص لا من النسخ، فالعفو والصفح مأمور بهما، فإذا شرع الله القتال ضد قوم مقاتلين بقي العفو والصفح مأمور بهما مع غير هؤلاء المقاتلين.
ويجدر بنا أن نفرق بين النسخ والتخصيص والاستثناء؛ لنعلم كم من الآيات أدخلت في النسخ وليست منه.
٦- الفرق بين النسخ والتخصيص والاستثناء: أن النسخ: رفع لحكم كان معمولًا به، وإبطال العمل به.
والتخصيص: قصر للعام على بعض أفراده بعد أن كان مستغرقًا لكل أفراده.