كتب عنه ثمانية عشر حديثا. وهذه شهادة على منزلة ابن سلاّم العلميَّة. إذ أنّ مالكا لا يأخذ سوى عن ثقة.
ثم تذكر كتب التراجم أنَّه قدم مصر، ثم صار إلى إفريقيَّة وسكن القيروان دهرا. لكنَّها لم تحدّد الفترة التي قدم فيها، ولا الأسباب التى دفعته إلى الإستقرار بها. وقد رأى الأستاذ صمّود الذي حقق قطعة من تفسير يحيى بن سلام بأن مجيئه إلى مصر لا يمكن أن يكون بعد ١٧٤/٧٩٠. لأن ابن سلاّم قد روى مباشرة عن ابن لهيعة. وقد توفي هذا المحدث المصري سنة ١٧٤/٧٩٠ بمصر "ولا نعلم لابن لهيعة رحلة إلى البصرة".
إنّ هذا الاستنتاج، وإن كان منطقيّاً، لا يمكن أن نقتنع به إذا راعينا بعض الملاحظات الأخرى.
رأينا أنّ ابن سلاّم قد رحل إلى المدينة للقاء مالك، فلعلَّه قد التقى عند مالك بابن لهيعة، وروى عنه.
كما يجوز أن يكون يحيى قد التقى بابن لهيعة بمصر في رحلته العلمية. فيكون قد زار مصر أثناء هذه الرّحلة، ثمّ زارها عند تحوّله نهائيّاً إلى إفريقية.
ويؤيد ما ذهبنا إليه، ما ذكره ابن حجر في اللسان، من أنّ ابن سلاّم قد حدّث عن سعيد بن أبي عروبة بالمغرب. وقد توفي ابن أبي عروبة سنة ١٥٦/٧٧٢. وبالجمع بين هذا الخبر والخبر السَّابق، يتبيَّن أن ابن سلاّم قد قام برحلته قبل ١٥٦/٧٧٢، حيث كان له من العمر ما يخوّل له أن يجعل مالكا يثق به في علمه ويروي عنه. ولا يمكن أن يكون قدومه بعد ١٥٦ هـ لوفاة ابن أبي عروبة في تلك السنة.
ونذكر دليلا ثانيا على استبعاد أن يكون أقصى تاريخ لتحول يحيى بن سلاّم إلى إفريقيَّة نهائيا، هو سنة ١٧٤/٧٩٠ ما يستنتج من معالم الإيمان من أن محمد بن يحيى بن سلاّم، ولد بالبصرة حوالي سنة ١٨٠/٧٩٦، فلا يمكن أن يكون تحوّل ابن سلاّم نهائيا إلى إفريقيَّة إذن قبل هذا التاريخ فهو التاريخ الأدنى لإمكانية قدومه. أمَّا أقصى تاريخ لقدومه إفريقية فيبدو لي أنَّه سنة ١٨٣/٧٩٩، ذلك أنّ ابن سلاّم قد