﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾.
وبآية الواقعة هذه، أستشهد الذين قالوا إن العاديات هي إبل الحاج، ففسروا الموريات بأنها جماعات الحجيج إذ يوقدون نيرانهم ليلة المزدلفة، وهو ما وصفه "إبن القيم" بالتأول على وجه بعيد، وقال فيه: "وهذا خلاف الظاهر، وإنما الموريات هي العاديات".
والعطف بالفاء، فيه مع ملحظ من السببية، ترتيب دون تراخ أو تمهل وإبطاء، ما بين عدوها ضبحاً وإغارتها صبحاً.
ويلحظ هنا أن العربية تخص الإغارة بالخيل، ولو لم يذكر لفظ الخيل فتقول: أغار على القوم دفع عليهم الخيل، وأغار الفرس: أشتد عدوه في الغارة. فاستعمال المغيرات للخيل هنا، يتأيد بمألوف الحس اللغوي لهذا اللفظ تخص به الخيل.
أما تخصيص الإغارة بوت الصبح فلم يفت المفسرين إدراك ما فيه من دلالة على المفأجاة: قال في التبيان: "والعدو لم يأخذوا أهبتهم، بل هم في غرتهم وغفلتهم". ومثله في تفسير الشيخ محمد عبده.
وملحظ المباغتة في الصبح، أوضح من أن يحتاج إلى بيان، اللهم إلا أن نذكر هنا أن اللغة أستعملت يوم الصبح بمعنى يوم الغارة، وأن القرآن الكريم استعمل الصباح والإصباح والصبح في موقف المباغتة والإنذار، فث مثل آيات:
الصافات ١٧٧: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ﴾.
الحجر ٦٦: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ﴾.
الحجر ٨٣: ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.