وهي من الطير كالمعدة للإنسان، ومن الحوض مستقر الماء في عمقه الأقصى.
ولهذه الدلالة اللغوية الأصلية، أثرها في معنى ﴿حُصِّلَ﴾ هنا، فكل ما يعمله الإنسان مستقر في أعماقه، مجموع في صدره، حتى يحين أوان كشفه بعد بعثرة ما في القبور للبعث والقيامة.
والتحصيل لما ﴿فِي الصُّدُورِ؟﴾ إيذاناً بكشف المستور وإظهار المطوى المضمر - جلالة واضحة، لا نخطئها في استعمال القرآن للفظ الصدور:
فالشيطان. ﴿يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
وهو تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ غافر ١٩.
﴿يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ﴾ القصص ٦٩.
﴿أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾ العنكبوت ١٠.
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ النمل ٧٤.
﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ آل عمران ٢٩
وتدبر هذه الآيات جميعاً، يرينا ما في تأويل آية العاديات:
"إن معنى حصل، جمع في الصحف، أي أظهر محصلاً مجموعاً" من جور على المعنى القوى المثير لقوله تعالى: ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ فليس المقام هنا للجمع في الصحف، وإنما المقام للإنذار بيوم ينكشف فيه ما طوى في الصدور، ويظهر ما تخفي الضمائر، وقد كان الظن الكاذب به أن يظل خفياً مستوراً.
* * *
ويلفتنا هنا أت تأتي آية:
﴿إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾.
بعد بعثرة ما في القبور وتحصيل ما في الصدور، فتصل بالمشهد المثير إلى