وأخذه أبو حيان من الإغراق في الشيء أي المبالغة فيه، قال: أغرق النازع في القوس بلغ غاية المد حتى ينتهي إلى الفصل، وذهب الفيروزابادى في القاموس إلى أن الغرق في الآية أقيم مقام المصدر الحقيقي وهو الإغراق.
وقال الشيخ محمد عبده: الغرق في النزع هو الإتيان على الغايات منه، حين تنزع الكواكب عن قسى دوائرها.
ونحمله في الخيل على النزع المغرق، بما فيه من عنف الجذب وقوة المعاناة.
* * *
﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾.
لم ترد مادة "ن ش ط" في القرآن إلا في هذا الموضع. والنشط في اللغة يستعمل أصلاً في العقد الذي يسهل حله، ومنه الأنشوطة: العقدة يسهل حلها. وبئر نشاط: قربية القعر يخرج دلوها بجذبة واحدة. ثم قيل: أنشط البعير حله. فنشط أي أنطلق في سهولة. ومنه ثور ناشط: خارج من أرض إلى أرض.
والتفت "الراغب" إلى ما في استعمال النشظ هنا من تنبيه على السهولة واليسر. ونؤثر أن نضيف إليه ما يربطه بأصله اللغوي، إفلاتاً من عقال.
* * *
﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾.
السبح: العوم، والأصل فيه أن يكون في الماء، ويستعار لغة للخيل فيقال لها السوابح. كما يجيء في القرآن لسبح النجوم في الفلك: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ ولسرعة المضي في العمل: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾.
والسبح من الخيل، إنما يكون في غير مجاله الذي هو الماء، وهذا يقتضي من تجمع القوى وعنف المعاناة، ما يلائم النزع المغرق.
* * *


الصفحة التالية
Icon