الآية، وهو أن "لا" هنا لنفي القسم لا لتأكيده، لأن "هذا البلد لا يقسم الله به وقد جاء أهله بأعمال توجب إحلال حرمته".
يبدو أن القول بالنفي هنا، وجه إليه أن القسم للتعظيم، فلما منع ظاهر السياق هنا أن يكون المقسم به موضع تعظيم، قيل إن "لا" مافية وليست مؤكدة، وقد هدى تدبر الظاهرة الأسلوبية، إلى تأكيد القسم بنفي الحاجة إليه، حين يكون فعل القسم مسنداً إلى الله تعالى.
ويبقى القسم في الآية على وجهه من تعظيم حرمة هذا البلد، واستعظام أوضاع لأهله متوارثة، لا تليق بجلال حرمته.
* * *
وآية ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ مرتبطة كما قلنا بالآية بعدها.
﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾.
من ناحيتين: واو الحال، وهي قيد للجملة الأولى، ثم تكرار "هذا البلد" توكيداً للصلة بين الآيتين.
وفي معنى ﴿حِلٌّ﴾ خلاف بين المفسرين:
قيل: هو من استحلال حرمة الرسول في البلد الحرام الذي يأمن فيه الطير والوحش والجاني.
وقد واجهتهم هنا مشكلة: إذ كيف يستقيم القسم بمكة، حال استحلال أهلها لحرمة الرسول في البلد الحرام، والقسم هنا على وجهه للتعظيم؟
قال "أبو حيان" في (البحر) إن "لا" نافية للقسم الذي هو تعظيم. وقال إن القيم: المعنى متضمن تعظيم بين الله ورسوله، وقال الشيخ محمد عبده: "ومعنى كونه حلا، أنه استحل لأهل مكة: استحلوا إعناته - - ﷺ - ومطاردته واستباحوا حرمة الأمن في ذلك البلد الأمين حتى اضطروه إلى


الصفحة التالية
Icon