والحل لغة، يحتمل أكثر الأقوال التي ذكرها المفسرون، فيكون من الحلول ضد الظعن، أو من الإحلال ضد الإحرام، أو من إستحلال الحرمة وإنتهاكها، وربما كان آصل معنى فيه، حل العقدة، ومنه دعاء موسى: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي﴾.
ثم قيل: حللت أي نزلت، من حل الأحمال عند النزول، ومنه في القرآن الكريم آيات:
الرعد ٣١: ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾.
إبراهيم ٢٨: ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾.
فاطر ٣٥: ﴿الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
ثم نقلت إلى المصطلح الديني في الدلالة الإسلامية على الحل والحلال، نقيض الحرتم. وهو الغالب على الاستعمال القرآني، ومعه الإحلال، ضد الإحرام في آية المائدة ٢: وهي مدنية.
وبمعنى الحلال جاءت كلمة ﴿حِلٌّ﴾ في القرآن، في أربع مرات من خمس، هي كل ما في الكتاب الكريم من صيغة ﴿حِلٌّ﴾ :
المائدة ٥: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾.
الممتحنة ١٠: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾.
آل عمران ٩٣: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾ وكلها آيات مدنية.
ونطمئن إلى تفسير آية البلد بالحلول - وهو المختار عند أبي حيان - والمعنى يستقيم بهذا الفهم، مع ملحظ من دلالة الاستحلال لحرمة الرسول في هذا البلد، لافت إلى الأحوال الشاخصة لهذا البلد وأهله، فكل ما يقع على الرسول من إيذاء،