والتكاثر ورد في القرآن مرتين: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ وأية الحديد ٢٠:
﴿واعلموا إنما اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾.
وفسر التكاثر في الآيتين بأنه المبالغة بالكثرة، وجعل "الرازي" التفاخر والتكاثر شيئاً واحداً، وهو ما لا يوافق نسق آية الحديد، إذ عطف التكاثر على التفاخر.
وحمل هذا العطف على التكرار، مضيع لبهاء الآية ودقه نسقها. والعربية استعملت. كاثره المال واستكثره إياه إذا أراد لنفسه منه كثيراً وإن كان المال قليلاً. وبهذا المعنى يفسر التكاثر في آية الحديد، وأنه التكالب على حطام الدنيا ومحاولة الاستئثار به، وهذا شيء غير المباهاة والتفاخر، بل هو درجة من درجات الشر في الدنيا بعد اللعب العابث واللهو الشاغل والزينة الزائفة والمباعاة الكاذبة: هو تزيد وتكالب على حطام الدنيا والاستكثار منه والاستئثار به - وهو قول ذكره النيسابورى في تفسير الآية - وإن يكن جمهرة المفسرين أكثر ميلاً إلى عد التكاثر هنا مباهاة وتفاخراً، متأثرين في ذلك بما روى في أسباب النزول.
فالإمام الطبري ذهب إلى "أنها المباهاة بكثرة المال والعدد.... وعن قتادة أنه قال: كانوا يقولون: نحن أكثر بني فلان ونحن أعد من بني فلان".
وفي (البحر المحيط) أنها نزلت في اليهود.
وفي قول: إنه التكاثر بالأموات منهم.
وهم في هذا، يأخذون من التكاثر معنى المفاعلة، مع أن اللغة استعملت تفاعل، في المفاعلة وغير المفاعلة، فقيل: كاثر الماء واستكثره، إذا أراد أن يستأثر لنفسه بكثير منه وإن كان الماء قليلاً، كما قيل: تمارض إذا ادعى المرض، وتكاره الأمر إذا تكلفه على كره منه، وتهافت إذا ظهر ضعفه...
والآية لم تحدد لنا موضوع التكاثر، فليس من السهل أن نخصه بالمال على