ما ذهب الراغب، أو نقصره على العدد كما قال الرازي، أو الموتى كما في النيسابورى. كما لا وجه لاحتمال أن يكون التكاثر هنا على على الاستغراق والتعميم، وهو ما دعل مفسرين إلى أن ينبهوا إلى قصره على ما هو مذموم، كأنما أشفقوا أن يفهم أن التكاثر فيما هو خير وطاعة وحق، داخل في عموم اللفظ في سياق الوعيد:
والاستئناس بآية الحديد، يكون التكاثر هنا في الأموال والأولاد، وهو ما يبدو أن الطبري والزمخشري اطمأناإليه. ونضيف: إن إسناد "ألهاكم" إلى التكاثر، يغنى عن كل تأويل، بصريح النص على أنه التكاثر فبما يلهى.
والخطاب هنا عام لكل من ألهاهم التكاثر والتكالب على زينة الدنيا من مال وولد، مهما تكن خصوصية السبب الذي قيل إن الآية نزلت فيه.
* * *
﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾.
في: حتى، هنا معنى الغاية، فغاية التكاثر إلى زيادرة المقابر، وليس وراء هذا التكالب إلا المقابر، يأتي بها القرآن كهذا إثر التكاثر فيبلغ الترويع منتهاه بقصر المسافة بينهما، والانتقال السريع بل المباغت، من التكاثر إلى المقابر...
ولم يستعمل القرآن الزيارة إلا في آية التكاثر، وإنما ورد من المادة: تزاور بمعنى تزور في آية الكهف ١٧:
﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾.
والزور اي الباطل والميل عن الحق، في آيات:
الفرقان ٤: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾.
الفرقان ٧٢: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾.
الحج ٣٠: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾.