المجادلة ٢: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾.
وذلك كل ما في القرآن من المادة.
والدلالة الحسية لها في اللغة، الميل والاعوجاج: في الزور، وهو عوج في الزور. والأزور: الناظر بمؤخر عينيه أو الذي يميل على شق إذا اشتد في السير. ومن هذا الصل الحسي، جاءت استعمالات المادة كلها في الميل، فقيل: زار القوم زيارة إذا مال إليهم وعاج بهم. وقيل للخيال يرى في النوم زوراً إما من الزيارة. أو لأنه وهو ولا حقيقة. والزو: الميل عن الحق والصواب، ومنه الدلالة الإسلامية على الباطل والضلال، ميلا عن الهدى.
وللمفسرين في ﴿زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ أقوال ثلاثة:
إن الزيارة بمعناها الحقيقي، حين ذهب المتكاثرون إلى القبور يعدون موتاهم.
أو هي مجاز، أريد به ذكر الموتى عند المفاخرة. وقد استبعده "أبو حيان" وقال: "هذا تعبير ينبو عنه لفظ: زرتم".
والقولان يوجه إليهما ما قالوه في سبب النزول، وهو أن بني سهم وبني عبد مناف تفاخروا أيهم أكثر عدداً، فكثرهم بنو عبد مناف. فقالت بنو سهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادونا بالأحياء والأموات. ففعلوا، فكثرتهم بنو سهم.
العربية، ومنه قول الأخطل:. ذاق الضماد أو يزور القبرا. ومعه، من شواهد الكشاف:
والقول الثالث، إن الزيارة هنا معناها الموت، وهو استعمال مألوف في العربية، ومنه قول جرير:
زار القبور أبو مالك فأصبح ألأم زوراها
وقد اختاره الإمام الطبري في تفسير آية التكاثر، وأخذ به غير قليل من المفسرين بعد.


الصفحة التالية
Icon