وهم هما قد الهاهم التكاثر فناسب هذا الإلهاء أن ينذرهم بما بعده من تلقف المقابر لكل ما يتكاثرون به، وأن يردعهم بمصير لابد آت، يعلمون فيه حقيقة ما طالما ألهاهم عنه التكاثر: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ ق٢٢.
ولا حاجة بنا إلى الوقوف لنسأل عما سوف يعلمونه، على نحو ما فعل الطبري والزمخشري والرازي، والآيات التالية تعفينا من تأويل، وتغنينا عن تحديد ما سوف يعلمون:
* * *
﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾.
هو علم اليقين، حين لا مجال لشك فيه أو ارتياب، ولا موضع لغفلة ولهو بما طالما تكاثروا فيه.
واليقين لغة: إزاحة الشك، وقد يقن الأمر، كفرح، وأيقنه وأيقن به وتيقنه واستيقنه واستيقن به: علمه وتحققه.
ويبدو أن جمهرة المفسرين متفقون على أن معنى علم اليقين في آية التكاثر "هو علم يقين، أضف إلى الصفة، نحو: ولدار الآخرة" - الرازي، النيسابورى، أبو حيان.
وإنما اختلفوا في تحديد المقصود باليقين: فقيل هو الموت، ونظيره عندهم قوله تعالى:
﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾. الحجر ٩٩.
وقيل هو البعث، يزول به كل شك.
والطبير يختار البعث، على حين سكت الرازي وأبو حيان فلم يرجحا قولا على آخر.
والخلاف ليس بذي بال، فالأمر بينهما قريب. على أنا لا نطمئن إلى