والصلة بين الآيات المحكمات:
﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾
جلية واضحة، فلسوف يعلمون اليقين حق علمه، حين يون الجحيم عين اليقين. والنسق القرآني لا يسمح بأن نفصل بين هذه الآيات، فنقطع ما بين ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ وبين ألاية بعدها ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾.
لكن المفسرون - فيما قرات أجمعوا على أن هذا القطع واجب! وقروا أن ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ منفصلة عن ﴿لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ هذا مع تقريرهم أن كل آية منهما لا يمكن أن تستقل بمعناها: فالأولى شرط يحتاج إلى جواب والثانية جواب يحتاج إلى شرط أوقسم.
ولتسوية الصنعة الإعرابية، مع فصل الجملتين، راحوا يتأولون في الموضعين كليهما، ويتكلفون تتمة مفترضة لكل من الآيتين:
ففي الأولى قالوا: إن جواب الشرط يدل عليه ما قبله، فيكون التقدير: لو تعلمون على اليقين لما ألهاكم لاتكاثر عن طاعة الله ربكم، ولسارعتم إلى عبادته والانتهاء إلى أمره، أو لفعلتم ما لا يوصف ودفعكم إلى السعي فيما تصلح به ظواهركم وتخلص به لله سرائركم وتتحد به في تأييد الحق هممكم.
وفي الثانية، قالوا: "لترون الجحيم، جواب لقسم محذوف، والقسم لتوكيد الوعيد" (الزمخشري والرازي).
وتسأل: فيم كل هذا العناء؟ وما الذي منع ارتباط الجملتين عندهم، بحيث تكون الثانية تتمة للأولى متعلقة بها وجوباً للشرط فيها؟ النجاة قروا أن "لو" حرف امتناع لامتناع، أي أن جوابها لامتناع الشرط، فلو أننا جعلنا ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ جواباص للو، لاقتضى ذلك تحقق رؤية الجحيم مع لو، وهذا محال في حكم الصنعة!