ونقل عن "قتادة": "كانت للنبي ذنوب قد أثقلته فغفرها تعالى له. وسمعت الضحاك يقول في آية ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ يعني الشرك الذي كان فيه" والأولى عندنا أن يقال: الشرك الذي كان فيه قومه.
وقيل: ما أثقل ظهره لما صدر عنه من بعض الصغائر قبل النبوة، ولما جهله من الأحكام والشرائع، أو لما كان تهالك عليه من إسلام أولى العناد..... وقيل المراد بالوزر أعباء الرسالة..... وقيل: الحيرة التي كان فيها قبل المبعث.
وصرح الشيخ محمد عبده بأن "الكلام على التمثيل، فإن ما كان يحمله عليه السلام من ثقل الإهتمام بشأن قومه، وضيق المذاهب بين يديه قبل تواتر الوحي عليه بالإرشاد، لم يكن ثقلاً حسياً ينقض منه الظهر، ولكنه كان هماً نفسياً يفوق ألمه ألم ذلك الثقل الحسي الممثل به، فعبر عن الهم الذي تبخع له النفوس بالحمل الذي تقصم له الظهور".
وهو ما نستريح إليه، ونؤيده بما ذكرنا في تفسير آية الضحى: "وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} فالوزر في الآية هو من: ضلال الحيرة وعدم الاهتداء إلى سواء السبيل، حتى هداد الله ووضع عنه ذلك الوزر الذي بلغ من فداحة ثقله أن أنقض ظهره، لفرط ما كان يشعر به قبل المبعث من وطأة الحيرة، وصلال السبيل إلى الحق الذي تطمئن به نفسه.
* * *
﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾.
الرفع في اللغة الإعلاء، يكون حسياً مادياً كرفع البناء ورفع القواعد، ومنه في القرآن من الاستعمال الأول مثل: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ﴾.
ثم يكون معنوياً مجازياً كارتفاع الدرجة والمنزلة.... مثل: ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾ ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾.