أما الذكر فهو استحضار ما أحرز بالحفظ، وقال "الراغب" في المفردات: "الذكر ذكران: ذكر بالقلب، وذكر باللسان. وكل واحد منهما ضربان: ذكر عن نسيان، وذكر عن إدامة حفظ".
وفي تفسير الطبري: "يقول: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ فلا اذكر إلا ذكرت معي. وبنحو ذلك قال أهل التأويل. قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادى بها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله" - ومثله في (البحر المحيط لأبي حيان).
وفصله "الومخشري": "قرن ذكر الرسول بذكر الله في كلمة الشهادة، والأذان، والإقامة، والتشهد، والخطب، وفي غير موضع من القرآن: والله ورسوله أحق أن يرضوه.... ومن يطع الله ورسوله...... وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وفي تسمية: رسول الله ونبي الله"، ثم أضاف: {ذكره ﷺ في كتب الأولين، والأخذ على الأنبياء وأممهم العهد أن يؤمنوا به".
وهو بنصه ما في غرائب النيسابورى.
واختار الشيخ محمد عبده من هذا كله: "أن الله هداه إلى إنقاذ أمم كثيرة من رق الأوهام وفساد الأحلام، ورجع بهم إلى الفطرة السليمة.... هذا إلى ما فرض الله من الإقرار بنبوته والإعتراف برسالته بعد بلوغ دعونه، وجعلها شرطاً في دخول جنته".
واتلأقوال متقاربة، يمكن أن ترد جميعاً إلى ما رواه "الطبري" من أقوال أهل التأويل.
ونضيف إليها من الملاحظ البيانية للذكر المرفوع، أن كلمة الذكر تضاف، أكثر ما تضاف إلى اسمه تعالى ظاهراً: ذكر الله، ذكر ربك..... أو إلى ضميره جل شأنه: (ذكرى) وفي القرآن منها ستة مواضع، كلها لله جل جلاله (الكهف ١٠، طه ١٤، ٤٢، ١٢٤، المؤمنون ١١، ص ٨) و (ذكرنا) مرتين كلتاهما لله تعالى: الكهف ٢٨، النجم ٢٩.
وجاء الذكر معرفاً بأل، بمعنى الوحي أو القرآن الكريم، في الحجر ٦، ٩، ص ٨، القمر ٢٥ فصلت ٤١، النحل ٤٤، الفرقان ١٨، يس ١١.


الصفحة التالية
Icon